الأربعاء، 31 مايو 2017

حجبوك فقالوا


فهمي هويدي

حجبوك فقالوا

فهمي هويدي




نشر فى : الثلاثاء 30 مايو 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 مايو 2017 - 10:05 م
إذا صح أن فى مصر ٢٣ موقعا إلكترونيا تدعم الإرهاب والتطرف وتدعو إلى العنف إلى جانب تعمد نشر الأخبار الكاذبة، فذلك يعنى أحد أمرين، إما أنها بلا قيمة ولا وزن بدليل أنها لم تحرك شيئا فى المجتمع المصرى، أو أن مصر بسببها فى الطريق إلى استنساخ النموذج الصومالى أو الأفغانى، وهو ما تستبعده وتنفيه شواهد الواقع. وإذا صح ذلك فمعناه أن ثمة أسبابا أخرى لإصدار القرار الذى نشرته الصحف المصرية يوم الجمعة ٢٦ مايو منسوبا إلى مصدر أمنى بوزارة الداخلية.
تساعدنا عدة قرائن فى تحرى تلك الأسباب الأخرى. من ذلك مثلا أن المواقع التى تم حجبها ليست ذات طبيعة واحدة. فبعضها مواقع لصحف قطرية حجبت من باب الكيد السياسى، والبعض الآخر مواقع لقنوات وعناصر إخوانية معارضة مقيمة بالخارج. البعض الثالث والأهم لصحف مرخصة تصدر فى مصر، أو لشركات صحفية تنشط فى الداخل بشكل قانونى. مشكلتها أنها مواقع مستقلة ليست لها صلة بالكيانات السياسية المصرية. كما تردد وجود اسم الموقع الرسمى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الحكومى ــ (إى جى نيوز)، الأمر الذى يعنى أن الأمر لم يدرس جيدا.
إذا فهمنا الدوافع السياسية التى أدت إلى حجب مواقع الصحف القطرية والمواقع الإخوانية، فإننا لا نفهم سببا منطقيا لإدراج المواقع المصرية المستقلة أو المواقع الاقتصادية المتخصصة. وهو ما يدعونا إلى القول بأن الزوبعة الأخيرة التى شهدتها منطقة الخليج دفعت السلطات المصرية إلى التعبير عن التضامن مع بعض أطرافها من خلال حجب مواقع الدولة المشتبكة معها. فى الوقت ذاته فإنها انتهزت الفرصة لكى تضم إلى القائمة المواقع المصرية غير المرضى عنها، لا لشىء سوى أنها مواقع مهنية ومستقلة، لا تتلقى التعليمات وخارجة على سيطرة أجهزة التوجيه المعنوى.
على صعيد آخر فإن السياق الذى تم فيه الحجب يوفر قرائن إضافية. إذ إلى جانب حملة التحريض التى تحركها الأجهزة الأمنية وتقودها الصحف القومية ضد المواقع المستقلة (الحملة لها صداها داخل أروقة مجلس النواب)، فإننا نلاحظ مؤشرات عدة تدل على تزايد سيطرة السلطة على المجال العام. تبدى ذلك فى بسط تلك السيطرة على القنوات التليفزيونية، وفى تشكيلات القطاع الإعلامى وتعديل قانون السلطة القضائية وأخيرا فى إصدار قانون الجمعيات الأهلية الذى يجعل مصيرها مشروطا بإجازة الأجهزة الأمنية. وحين يتزامن ذلك مع حملة اعتقال النشطاء وإجراءات قمع العمال المضربين، فإن حجب المواقع المذكورة يغدو حلقة فى السلسلة التى يبدو تقييد الحريات العامة قاسما مشتركا بينها، والصلة بينها وبين ترتيب الأوضاع قبل الانتخابات الرئاسية القادمة أمرا غير مستبعد فى نظر البعض.
إذا صح ذلك التحليل فمعناه أن ما قيل عن دعم المواقع التى تم حجبها للإرهاب ودعوتها للعنف يبدو غطاء للحقيقة، يستلهم خطاب المرحلة الذى يتذرع بمكافحة الإرهاب لقمع المستقلين وتصفية المعارضين وتبرير انتهاكات حقوق الإنسان. أما الحقيقة فتتمثل فى سياسة استكمال تشديد القبضة وتقييد الحريات العامة، ومنها حرية التعبير، بحيث لا يسمع إلا الصوت المرضى عنه، وهو ما يدخلها فى مرحلة «لا صوت يعلو فوق صوت الأجهزة».
لا أستغرب موقف أبواق الأجهزة التى احتفت بالحجب وبررته وانتقدت تأخير تقريره، لكننى استغرب موقف نقابة الصحفيين التى يفترض أن تكون حاملة لواء الدعوة إلى حرية التعبير ورفض الحجب والمصادرة وكل صور تكميم الأفواه. ولا تسأل عن العناصر «الليبرالية» واليسارية التى نسيت قيمها ومبادئها وانضمت إلى مواكب التصفيق والتهليل.

فهمي هويدي
فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.

الثلاثاء، 30 مايو 2017

سكرتير المجمع المقدس: «مصر مفيهاش مواطنة» و«المسيحيون حقهم مهضوم» ( المصريون عموما حقهم مهضوم "السيد راضي" )

سكرتير المجمع المقدس: «مصر مفيهاش مواطنة» و«المسيحيون حقهم مهضوم» ( المصريون عموما حقهم مهضوم   "السيد راضي" )


كتب ــ أحمد بدراوى: 
نشر فى : الإثنين 29 مايو 2017 - 8:51 م | آخر تحديث : الإثنين 29 مايو 2017 - 8:51 م


قال سكرتير المجمع المقدس، وأسقف عام كنائس وسط القاهرة الأنبا رافائيل، إن المواطنة لا تطبق فى مصر بشكل واضح، بقوله: «مفيش مواطنة فى مصر، وهذا شىء مؤلم، وكل أجهزة الدولة عليها أن تنظر بنظرة جدية لهذا الأمر».
وأضاف اليوم فى لقاء عبر قناة مارمرقس القبطية:«الإرهاب يهدد كل العالم نعم، لكن نحن كأقباط فى مصر مستهدفون، والدولة لازم تأخذ بالها إن فيه جماعات إرهابية بتعشش فى البلد، ولابد من النظر بشكل جدى لهذا الواقع، بدلا من الشعارات والوعود الرنانة، التى لا تخفف آلام المصابين، ولا تخفض وتيرة تلك الأحداث، التى بعد أن كانت تحدث كل عيد، صارت تحدث بعد 40 يوما».
وأشار: «لا يوجد مواطنة فى مصر، المواطن أن أعامل كمواطن مصرى سواء كنت مسيحيا أو مسلما أو ملحدا، أو غنيا أو فقيرا، أو منتميا لحزب أم لا، أعامل بمصريتى، لكن للأسف المسيحيون من الفئات المهمشة، مثل الفقراء المهضوم حقهم مثلا».
وشدد: «هناك أماكن مغلقة ومحظور دخولها على المسيحيين، منها أجهزة الدولة، وبعض الجامعات لا تعين أساتذة لأنهم مسيحيون، إيه لازمة خانة الديانة فى البطاقة، نشكر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة على إلغاء ذلك، مشيرا: «هاتلى جامعة واحدة ليها ترتيب عالمى، عار على مصر بكل ما فيها من أجهزة مفيهاش جامعة واحدة، العقول المستنيرة تهاجر».
وأوضح: «لابد للقانون أن يطبق على الجميع، لكن نحن فى منظومة سيدة الكرم فيها لم تأخذ حقها، ولا حتى شهداء الكشح وماسبيرو، فين الضمير، تطبيق القانون للأسف مش على الكل سواسية، مفيش أمل إذا لم تنضبط منظومة القضاء فى مصر».
وواصل: «المفروض كل مواطن خاضع للقانون، واللى يغلط يتعاقب، حتى قانون ازدراء الأديان مش بيطبق بس غير على أطفال صغيرين، بينما الفضائيات تمتلئ بسموم فى أذهان الناس، أين تجديد الخطاب الدينى، اللى بيحاول يجدد يتهم بازدراء الأديان ويلقى فى السجن»؟!!.

صفقة القرن تبرم بالتقسيط غير المريح

فهمي هويدي

صفقة القرن تبرم بالتقسيط غير المريح

نشر فى : الإثنين 29 مايو 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 29 مايو 2017 - 10:35 م
العمل مستمر بكل جدية لإبرام صفقة القرن من خلال التقسيط غير المريح!

(١)
كشف تحقيق أجراه موقع «مكور ريشون» الإسرائيلى عن توجه خليجى واسع النطاق لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، من خلال عدد من النشاطات التطبيعية السرية، التى ينفذها أمراء وأميرات ورجال أعمال خليجيون فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٤٨. وبين التحقيق أن عشرات الخليجيين من الأسر الحاكمة ورجال الأعمال ينظمون رحلات إلى إسرائيل فى ظاهرها سياحية علاجية، لكنها فى باطنها خطط لمشاريع استثمارية بمليارات الدولارات إلى جانب عقد صفقات التبادل التجارى.
مما ذكره الموقع أن هؤلاء الخليجيين يصلون إلى تل أبيب عبر قبرص بحجة العلاج، بالاتفاق مع جهات إسرائيلية متخصصة. وهذه الجهات تتولى نقل الأمراء ورجال الأعمال الخليجيين من مطار بن جوريون إلى المشافى الإسرائيلية ومراكز العلاج. فى هذا الصدد ذكر الموقع أن مستشفى «رمبام» فى مدينة حيفا استقبل أخيرا عبر مطار بن جوريون أميرة خليجية تبلغ من العمر ٥٠ عاما. أجريت لها عملية جراحية وغادرت المشفى بعد التأكد من شفائها، وفى سياق متصل كشف التحقيق عن وجود تسهيلات تمنحها العديد من دول الخليج للشركات الإسرائيلية من أجل جذبها للعمل فى أسواقها، وهو ما يتم من خلال شركات وهمية تابعة للعديد من سلاسل الشركات الأمريكية الناشطة فى الخليج، وأكد التقرير أن الجهات المعنية فى دول الخليج على علم بتفاصيل تلك الشركات، غير أنها تغض الطرف عنها.
هذا التقرير بثته فى ٢٨ مايو الحالى وكالة «قدس» الإخبارية مترجما عن العبرية، ولا جديد فيه من الناحية المعلوماتية، إذ إنه أذاع فى العلن ما يتم تداوله همسا وفى السر بخصوص الاختراق الإسرائيلى لمنطقة الخليج الذى تعددت صوره ومنافذه، وتزايد اللغط حوله خلال السنوات الأخيرة. ومعروف أن وثائق «ويكيليكس» التى أعلنت فى عام ٢٠١٥ كشفت عن عمق العلاقات بين السعودية وإسرائيل، التى توثقت بعد نجاح الثورة الإسلامية فى إيران (عام ١٩٧٩)، وأشارت إلى أن تلك العلاقات تكمن وراء تساهل المملكة فى مسألة مقاطعة إسرائيل، كما أنها كانت حاضرة فى خلفية «مبادرة السلام» التى أعلنتها المملكة وتبنتها القمة العربية فى عام ٢٠٠٢. وقد جرى التشكيك فى صدقية تلك التسريبات حينذاك، مثلما حدث فى أعقاب زيارة رجل المخابرات السعودى اللواء أنور عشقى لإسرائيل فى العام الماضى (٢٠١٦) وقيل وقتذاك إنها شخصية من جانبه ولا تمثل الموقف الرسمى السعودى.

(٢)
حتى إذا كانت تلك مصادفة، أن يظهر تقرير الموقع الإسرائيلى فى أعقاب زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسعودية وإسرائيل، فإنه يظل للمصادفة دلالتها. ذلك أن الصحف الإسرائيلية أجمعت على أن الزيارة رفعت «منسوب الدفء» فى العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، الخليجية من ناحية ومصر والأردن من ناحية ثانية، وإذا تذكرت أن مصطلح العلاقات «الدافئة» مع إسرائيل ورد فى بعض التصيرحات الرسمية العربية، فذلك يعنى أن حالة الجاهزية للدفء ــ وهو وصف دبلوماسى للتطبيع ــ كانت قائمة فى أهم العواصم العربية، ولم يكن الخليج وحده المتورط فيها.
صحيفة هاآرتس ذكرت فى عددها الصادر يوم ٢٥ مايو أن رؤية الرئيس ترامب التى نقلها إلى القادة الذين التقاهم فى الرياض تقوم على أن «التقريب» بين إسرائيل والدول العربية مدخل ضرورى للتوصل إلى السلام فى المنطقة. وفى اليوم ذاته ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أنه خلال اللقاء الذى تم فى «بيت لحم» أبلغ الرئيس الأمريكى أبومازن بأن جوهر مبادرته هو وضع خطة إقليمية شاملة تقوم على «التفاعل» بين إسرائيل وجيرانها العرب فى إطار مبادرة السلام العربية أولا، بما يفتح الطريق إلى التسوية المرجوة للقضية الفلسطينية، وفى هذا اللقاء وفى غيره ظل الرئيس الأمريكى يردد أن الرياض متحمسة لذلك «التفاعل» الذى يدعو إليه وكذلك مصر والأردن.
تعليقا على فكرة التفاعل على أساس المبادرة العربية، قال لى قيادى فلسطينى إن الرئيس محمود عباس أعرب عن موافقته على الالتزام بمبادرة السلام التى تدعو إلى البدء بالانسحاب الكامل من الأراضى العربية المحتلة، مقابل التطبيع الكامل مع الدول العربية. وقال إنه يوافق على المبادرة من الألف إلى الياء، لكن نتنياهو يريد أن يقلب الآية بحيث يبدأ بالياء (أى التطبيع أولا) ليصل إلى الألف فى زمن لا يعلمه إلا الله!

(٣)
حين ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل أسبوع أن الحكام العرب تنازلوا عن الشروط التى تضمنتها المبادرة العربية فإن ذلك لم يكن خبرا مفاجئا، إذ بات معلوما أن موضوع الانسحاب من الأراضى المحتلة لم يعد واردا فى الطروحات الجارية، وكذلك مسألة وقف الاستيطان، وإن قيل إن المطروح لا يتجاوز حدود تجميد الاستيطان بصفة مؤقتة فى المستوطنات النائية فقط، التى تقع خارج التجمعات الاستيطانية الكبرى. وهو يعنى أن المستوطنات الأخيرة التى تستوعب أكثر من ٨٠٪ من المستوطنين، ستظل لها حريتها المطلقة فى التمدد والتوسع.
الخلاصة أنه حتى المبادرة العربية فرغت من مضمونها، وتحولت إلى مجرد غطاء لتسويغ التطبيع والتنازل عن أهم الاستحقاقات الفلسطينية، بالتالى فإن البند الوحيد الذى سيتم تفعيله فيها وأخذه على محمل الجد هو استعداد الدول العربية للتطبيع الكامل مع إسرائيل. وهذه الفكرة أصبحت من مسلمات الحوار الدائر الآن حول التسوية، عبر عن ذلك السفير الأمريكى الجديد لدى إسرائيل (اليهودى الليكودى) ديفيد فريدمان، الذى احتفت الدوائر الإسرائيلية بتصريحه الذى قال فيه إن إسرائيل لن تكون مطالبة بأن تقدم أى مقابل للفلسطينيين. وهو ذات المعنى الذى عبر عنه الرئيس ترامب حين قال أن الإدارة الأمريكية لن تمارس أى ضغط على إسرائيل فى المشاورات الدائرة حول المستقبل. وهى الرسالة التى أنعشت آمال اليمين الإسرائيلى ودفعت رموزه إلى رفع سقف التوقعات والإصرار على استمرار خطوات التهويد والتمكين والتمادى فى التوسع الاستيطانى، بل إن تلك الأجواء شجعت نائب رئيس البرلمان بتسللا سمورطيش على الدعوة إلى طرد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وذبح نسائهم وأطفالهم إعمالا لفتوى الحاخام موشيه بن ميمون الذى عاش فى القرن الثالث عشر (هاآرتس ١٦/٥).

(٤)
حين سئلت عن مصير «صفقة القرن» التى ذاع خبرها طوال الأسابيع الماضية، وتوقع كثيرون الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس ترامب للرياض، كان ردى أننا فى مرحلة «التسخين» التى تسبق الإعلان الرسمى. ذلك أن التمهيد لها يتم على مستويين، الأول الاطمئنان إلى موافقة القيادات العربية على المبادرة بعد التعديل، بما يستجيب للطلبات الإسرائيلية. والثانى الترويج لفكرة التحالف السنى الإسرائيلى الذى يقام تحت الرعاية الأمريكية لمواجهة خطر الإرهاب، الذى يعد التمدد الإيرانى من تجلياته. (نشر أن الأطراف المتحالفة ستقيم «غرفة طوارئ» بمشاركة إسرائيلية لذلك الغرض). 
صحيح أن بعض دول الخليج استبقت ومارست التطبيع الحذر كما أسلفنا، إلا أن ذلك يدخل فى إطار التمهيد للصفقة الكبرى والتسخين الذى يسبق الدخول فى طور التطبيع الرسمى والعلنى، الذى يشمل مد خطوط الطيران وتوسيع نطاق التبادل التجارى والثقافى، وتبادل الفرق الفنية والرياضية...إلخ.
إن شئت الدقة فقل إن الرئيس الأمريكى جاء إلى المنطقة وفى ذهنه صفقتان وليس صفقة واحدة، الأولى تم التوقيع عليها وجرى الدفع فيها فورا، وهى التى تعلقت بعقود التسليح التى تجاوزت قيمتها أكثر من مائة مليار دولار. وقد تباهى بها عند عودته إلى واشنطن قائلا إن هذه المليارات تعنى تشغيل المصانع كما تعنى توفير آلاف الوظائف للأمريكيين. كما أنه أبرم تعاقدات أخرى تجاوزت ٣٠٠ مليار دولار ستنفذ فى المستقبل، وفى الزيارة ذاتها حصلت ٢٣ شركة أمريكية كبرى على تصاريح عمل للعمل بالسعودية.
الصفقة الثانية ــ الكبرى ــ ستتم بالتقسيط غير المريح، (بالمفرق كما يقول إخواننا العرب) وهى التى تستهدف الدمج التدريجى لإسرائيل مع العالم العربى وإغلاق ملف القضية الفلسطينية، والذريعة المعلنة لذلك هى مكافحة إرهاب داعش والقاعدة وصد الخطر الإيرانى.
رغم أن مستقبل الصفقة الثانية مرهون باستمرار الإدارة الأمريكية الحالية (الذى ليس مقطوعا به)، إلا أن إتمامها مرهون أيضا ببقاء الأوضاع العربية كما هى عليه. ذلك أن التنازلات التى تمت حتى الآن يصعب التنبؤ بصداها لدى الشعب الفلسطينى، فضلا عن أن أغلب دول المشرق العربى وكل المنطقة المغاربية ليست طرفا فيها. وثمة قرائن عدة دالة على أن منطقة الخليج هى المحرك لها. وذلك وضع لا تعرف تداعياته ويصعب التنبؤ بنتائجه. ولأن الوضع كذلك، فلسنا نبالغ إذا قلنا إن العالم العربى مقبل على مرحلة خطرة يكتنفها الغموض ومفتوحة على كل الاحتمالات.

فهمي هويدي
فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.

الاثنين، 29 مايو 2017

فيسك: «داعش» لا يمثل الإسلام.. والمسلمين شرفوا العالم

فيسك: «داعش» لا يمثل الإسلام.. والمسلمين شرفوا العالم

روبرت فيسك- تصوير لبنى طارق
روبرت فيسك- تصوير لبنى طارق
كتبت ــ هايدى صبرى: 
نشر فى : الأحد 28 مايو 2017 - 8:58 م | آخر تحديث : الأحد 28 مايو 2017 - 8:58 م


الكاتب البريطانى: علينا أن ننظر إلى الماضى لمعرفة المعنى الحقيقى للإسلام.. والقوات الأمريكية قتلت فى مجازر الموصل وأبوغريب والحديثة فى العراق أربعة أضعاف من قتلوا فى مانشستر ونيس وباريس وغيرهم
قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك: إن تنظيم «داعش» الإرهابى لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، مضيفًا فى مقال له نشرته صحيفة «الإنديندنت»، أن «علينا أن ننظر إلى الماضى من أجل معرفة المعنى الحقيقى للإسلام لا لتنظيم داعش الإرهابى»، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أنه «فى حالة قتل مزيد من المسلمين فى العالم وبيع السلاح للطغاة، فإننا بذلك نؤمن بالإرهابيين وسينتصر التنظيم الإرهابى».
وأضاف فيسك، فى مقاله حول رؤية الجانب المعتدل من المسلمين لمعرفة المعنى الحقيقى للإسلام: إن «القوات الأمريكية قتلت فى مجازر الموصل وأبوغريب والحديثة فى العراق أربعة أضعاف ممن قتلوا فى حادث مانشستر الذى راح ضحيته 28 مدنيًا، فضلًا عن اعتداءات نيس فى فرنسا واعتداءات11 سبتمبر التى استهدفت برجى التجارة فى نيويورك ومبنى البنتاجون بواشنطن»، مشيرًا إلى أن «المجتمع الدولى لم يقف دقيقة صمت واحدة حدادًا على ضحايا العراق».
وتابع الكاتب البريطانى: «طالما أننا نفجر الشرق الأوسط بالقنابل بدلًا من تحقيق العدالة هناك، سنتعرض دائمًا لهجمات»، مذكرًا بتصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الوحشية فى خطابه حيث إنه كرر مصطلح الإرهاب عدة مرات فضلًا عن مصطلح الخوف والأمن».
وطرح فيسك مثالًا لتعزيز فكرة الإسلام المعتدل وهو للأميرعبدالقادر الجزائرى قائلا: «كان حاميًا لقومه ضد الهمجية الغربية (الاحتلال الفرنسى) وحاميًا للمسيحيين ضد المسلمين المتطرفين حينها.. كان نبيلًا لدرجة أن الفرنسيين أعطوه وسام الصليب الأكبر ووسام جوقة الشرف».
ولفت فيسك إلى أن الأمير عبدالقادرالجزائرى كان يدعو الجميع إلى عبادة ما يعتقدون فيه، كما أنه كان يؤمن بحقوق الإنسان، وهذا على عكس ما يدعو إليه تنظيم «داعش» الإرهابى.
وأشار الكاتب البريطانى إلى أنه «ينبغى أن نفكر فيما فعله المتعدلين من المسلمين لمكافحة الاحتلال الفرنسى الوحشى فى الوقت الراهن أكثر من أى وقت مضى بطرق سلمية»، موضحًا أن «الجزائرى كان يؤكد دائمًا أن المسلمين والمسيحيين أخوة»، مشددًا على أن «قصة عبدالقادر الجزائرى أثبتت أن داعش لا يمثل الإسلام وأن المسلمين شرفوا العالم».

عن البيئة المنتجة للإرهاب

فهمي هويدي

عن البيئة المنتجة للإرهاب

نشر فى : الأحد 28 مايو 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الأحد 28 مايو 2017 - 9:45 م
هل أصبح التعصب مشكلة مصرية؟ ــ هذا السؤال نبهتنى إليه بعض الكتابات والتعليقات التى حفلت بها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الثلاثة الماضية، فى أعقاب قتل الإرهابيين لنحو ثلاثين قبطيا فى صحراء محافظة المنيا. ورغم أننى وعدت أمس بمحاولة الإجابة عن سؤال آخر هو: هل قصرنا فى علاج مشكلة الإرهاب أم إننا أخطأنا فى تشخيص المشكلة؟ إلا أننى فضلت أن أبدأ بالسؤال الأول، لاقتناعى بأن طرحه يمثل مدخلا للإجابة عن السؤال الثانى، الأهم والأكبر.
وجدت فى الكتابات التى حاولت أن تثبت انتشار التعصب بين المصريين استشهادا بمعاناة بعض الأقباط فى مواقع العمل أو الدراسة أو فى المجال العام، وإحالات إلى آراء تضمنتها بعض كتب التراث حطَّت من قدر الأقباط وشكلت إساءة لحقوقهم وكراماتهم، وهى المادة التى أصبحت تشكل مرجعية لعمليات استهدافهم فى الوقت الرهن. ولست أشكك فى صدقية أو مرجعية تلك الشهادات، لكنها تثير عندى سؤالا كبيرا هو: لماذا فى هذه المرحلة بالذات تبرز الممارسات السيئة بين بعض الأفراد، ولماذا تستحضر من كتب التراث الموجودة منذ مئات السنين تلك الفتاوى والآراء التى تشكل إهانة لهم ونيلا من حقوقهم وكراماتهم؟ لماذا يسقط من الذاكرة فيض علاقات المودة والتراحم التى عاش المصريون بمسلميهم وأقباطهم فى ظلها طويلا، ولماذا ينحى جانبا التراث الوفير والتعاليم الأصيلة والاجتهادات المضيئة التى تحدثت عن حق الكرامة لكل البشر وحق المودة والمحبة للمسيحيين خاصة، بحيث تسلط الأضواء فقط على كل ما هو سلبى ومسىء؟
إن تراث المسلمين وغير المسلمين حافل بما هو منير ومشين، لكنه يتعرض للانتقاء والتأويل فى ظروف تاريخية معينة، بحيث تدفن أو يستخرج منها ما هو منير تارة فى حين يستدعى منها ما هو مشين تارة أخرى. وتكون المشكلة دائما أن أصابع الاتهام تشير إلى الضحايا وإلى المرجع الفكرى الذى جرى الاستناد إليه وتأويله، وليس إلى الظرف التاريخى الذى استدعى هذه المرجعية أو تلك. وأستأذن هنا فى تكرار ما سبق أن أشرت إليه من أن ثمة ظروفا اجتماعية وسياسية تستخرج من الناس أفضل ما فيهم، لكنها حين تتغير فى طور آخر فإنها تستخلص من الناس أنفسهم أسوأ ما فيهم. ولا مجال لاستعادة شواهد التاريخ الدالة على ذلك، لكنى أذكر فقط بحالة الإجماع والتلاحم الوطنى المبهر التى شهدناها فى مصر أثناء ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وأدعو إلى مقارنتها بحالة الانفراط والنفور والاحتقان المحزن التى خيمت على البلد منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
فى الإجابة عن السؤال الأساسى الذى يتحرى مصدر الخلل فى التعامل مع الإرهاب لا أجادل فى أن الدور الأمنى لا مفر منه شريطة أن يظل فى حدود القانون والقضاء العادل، ثم إنه لا غضاضة فى أية إجراءات أخرى تحاصر الإرهاب وتلاحق مظانه إذا ما تمت تحت رقابة القضاء لكننا نغفل كثيرا دور البيئة السياسية والاجتماعية. التى تشكل عماد الظروف التى أشرت إليها فى الحث على الاعتدال أو تشجيع التطرف والإرهاب. أفتح هنا قوسا لأذكر بأنه ليس لدى دفاع عن جرم ارتكبه أى طرف. كما أننى أدعو إلى محاسبة كل من خالف القانون أمام القضاء العادل مع الحفاظ على كرامة وإنسانية الجميع ــ أقفل القوس من فضلك.
إن القيود التى تفرض على الحريات العامة، والانتهاكات التى تتم لحقوق الإنسان، لا تلغى قيمة التسامح فقط، وإنما تلقن المجتمع أيضا دروسا فى البطش والعنف. ناهيك عن أنها تفرغ مفهوم «المواطنة» من مضمونه، حيث لا قيمة للمواطن إذا ما صودرت حريته وانتهكت كرامته سواء فى قسم الشرطة أو فى أى مستشفى عمومى، ثم إن غياب العدل الاجتماعى وقسوة الغلاء المتزايد وانسداد أفق المستقبل أمام شرائح واسعة من الفقراء أو الذين تم إفقارهم، هذه كلها بيئة مواتية لنمو أشكال التطرف والعنف تمهد الطريق أمام الإرهاب. وتلك عوامل مسكوت عليها فى مناقشات قضية الإرهاب الجارية.
إن بعض زملائنا تحدثوا عن البيئة الحاضنة للإرهاب، لكنهم سكتوا على البيئة المنتجة للإرهاب، على الرغم من أن الأخيرة أهم وأخطر بكثير من الأولى. لكن مشكلة أغلب المعلقين والسياسيين أنهم يمارسون الجرأة المجانية فى التنديد بالبيئة الحاضنة، ولهم فى ذلك بعض الحق، لكنهم ولأسباب تتعلق بالكلفة الباهظة يغضون الطرف عن البيئة المنتجة للإرهاب التى هى الأحوج إلى كلمة الحق.

فهمي هويدي
فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.

الأربعاء، 24 مايو 2017

كيف تخطط لرمضان

مدرسة ستفتح أبوابها بعد أيام قليلة .. فهل ترى نحيا فندرك هذه المدرسة ونلتحق بها؟ وإذا التحقنا بها هل نخرج منها مع الفائزين أو الخاسرين؟.
إنها مدرسة رمضان .. مدرسة التقوى والقرآن .. وموسم الرحمة والغفران .. والعتق من النيران، أيام معدودة وتستقبِل الأمّة هذا الزائرَ المحبوب بفرحٍ غامِر ، وسرورٍ ظاهرٍ ..
فهل اعددت خطتك للاستفادة من ايامه ولياليه ؟
نضع بين أيديكم مجموعة من التغريدات لـ د. طارق السويدان حول كيفية التخطيط لرمضان:

1- خططوا لتكونوا بعد رمضان أفضل مما كنت عليه قبله لا أثناء .
2- حددوا خمسة أمور فقط تريدون أن تتحسنوا فيها ، فلا تتوقعوا أن تتحسنوا في كل شيء دفعة واحدة .
3- العمل الجماعي بما فيه العبادة أسهل على النفس ، فابحثوا عن مجموعة تتفقون معهم على أنشطة جماعية بعد رمضان ( سواء عبادية أو اجتماعية ) .
4- إعلم أن الأهداف المكتوبة تتحقق أكثر من التي في الذهن فقط ، فاكتبوا أهدافكم التي تنون تحقيقها في رمضان .
5- من هم بحسنة فعملها كتبت له عشراً ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فارفعوا من طموحاتكم في رمضان ، فأنتم الرابحين في كل حال !
6- الأهداف القابلة للقياس تتحقق أكثر من الأهداف العامة ، فلا تكتبوا مثلاً : سأقرأ أكبر كمية من القرآن ، بل سأختم 3 ختمات .
6- رتبوا جدولاً يومياً بتحديد ساعة الاستيقاظ ، والتزموا بها ، ولا تحددوا ساعة النوم ، بل لا تذهبوا للفراش إلا عند النعاس .
7- حددوافترة زمنية للخلوة اليومية مع القرآن بدون مقاطعات .
8- اختاروا برنامجاً تلفزيونياً مفيداً واحداً ، وبالكثير 2 ؛ للالتزام بمشاهدتها ، واتركوا مشاهدة الباقي عند إعادتها بعد رمضان إن كانت تهمكم .
9- إلتزموا بمسجد واحد للتراويح ، وحبذا أن ُيختم القرآن فيه كاملاً .
10- حددوا مقداراً معيناً لحفظ القرآن ، ومقداراً محدداً لقراءته ، وحبذا أن يكون لكل منهما مصحف خاص ( والأفضل أن يكونا متشابهين ) .
11- حددوا 3 أنواع من التعامل مع القرآن :
* كمية محددة للحفظ .
* كمية أكبر للقراءة .
* تحديد أجزاء أو سور ترددونها كثيراً لقراءة تفسيرها .
12- اكتبوا خطة رمضان قبل حلوله ، وراجعوها عدة مرات لتحسينها ؛ ولتجديد النية ، وتصفية الإخلاص لله تعالى .
13- البعض يرى أن الأهم كمية قراءة القرآن ، والبعض الآخر يرى أن القيمة هي للفهم ، وأقترح الجمع بينهما ؛ بحيث يخصص ربع الوقت القرآني للتفسير .
14- لو كانت لديكم زيارة لملك جواد لفكرت وحددت ماذا ستطلبون ، ولله المثل الأعلى ، فخططوا للدعاء بتحديد ماذا ستطلبون ، فالله يحب العبد اللحوح .
15- من أكبر مضيعات رمضان النوم والتلفزيون ، فحددوا لكل منهما ساعات لا تتجاوزنها أبداً ، فرمضان يمر بسرعة ، والمحروم من ضيعه .
منقول من مدونة ارتقاء
فهمي هويدي

شكوك فى مسألة التحالف

نشر فى : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 مايو 2017 - 9:05 م
حين ينشغل بعض العرب عن إطلاق فكرة التحالف الإسلامى الأمريكى بالحديث عن انكشاف شعر السيدة ميلانيا قرينة الرئيس ترامب، أو نفاد «موديل» فستان ابنته إيفانكا من الأسواق، فمعنى ذلك أن خللا فادحا فى الإدراك قد حدث. وأن العبث فى المشهد ذهب إلى أبعد مدى. وإذ تذهلنا المفارقة، فإننى قد أعذر الذين تورطوا فى العبث. إذ اعتبرهم ضحايا الإعلام غير المسئول الذى ما برح يهلل لما جرى ويعتبره انتصارا سياسيا باهرا يصوب العوج ويشد الأزر ويوجه رسالة الردع للخصوم والأعادى.
إن شئنا الدقة فينبغى أن نعترف بأن فكرة التحالف مع الولايات المتحدة ليست جديدة، لأن العالم العربى دخل فى العصر الأمريكى بدرجات متفاوتة منذ عدة سنوات، حتى أن فكرة أحلافه الدول الكبرى التى جرى رفضها والتظاهر ضدها منذ الخمسينيات ــ فى مصر على الأقل ــ تحولت إلى طموح لبعض الأنظمة. وعرس تقام لإتمامه السرادقات والمهرجانات، وتنصب له الأفراح التى تحيى الليالى الملاح، إذ فى ظل انهيار النظام العربى، وفقدان الأمة للقيادة الرشيدة والبوصلة الهادية، حدث الانقلاب الذى فى ظله أصبح الالتحاق بركب الدول الكبرى فضيلة ومغنما يسعى إليه كثيرون. وكان انتشار القواعد العسكرية وما يسمى بالتسهيلات المقدمة لجيوش الدول الكبرى من قرائن ذلك الانبطاح وشواهده.
إذا سألتنى ما هو الجديد إذن، فردى أنه يتمثل فى خمسة أمور. الأول أن ما كان «عرفيا» مستورا ومسكوتا عليه صار «شرعيا» ومعلنا على الملأ. الثانى أن التحالف قدم بحسبانه تعبيرا عن إرادة الأمة العربية والعالم الإسلامى. الثالث أنه لم يوظف لصالح صراعات الدول الكبرى، وإنما جرى تأسيس التحالف لحسم الصراع فى المنطقة، ضد إيران من ناحية وضد تنظيمى داعش والقاعدة من ناحية ثانية. الأمر الرابع أنه يفتح الباب لانضمام إسرائيل إليه بدعوى مواجهة ما سمى بـ«الخطر المشترك» الذى يهدد دول المنطقة. الأمر الخامس أنه يكرس تراجع أولوية القضية الفلسطينية وترشيح إيران كى تحتل موقع الخطر الأكبر والعدو الأول. وهو المصطلح الذى استخدمه بعض القادة العرب الذين لم يجرؤ أحد منهم على ذكر اسم فلسطين، التى هى أولى وأكبر ضحايا الإرهاب الإسرائيلى ــ فى حين جرى التنويه أكثر من مرة إلى أن إيران هى «رأس الحربة» الداعم للإرهاب.
تلح على النقطة الأخيرة طول الوقت. ولست أخفى أن لدى شكوكا قوية فى أن فكرة التحالف الذى وصف زورا بأنه إسلامى، ما كان لها أن تحظى بالرعاية الأمريكية إلا إذا كانت تمهيدا لانضمام إسرائيل إليه، الأمر الذى يحقق لها ثلاثة أهداف تلح عليها وتتوخاها طول الوقت. الأول الانتقال إلى التطبيع العلنى مع الدول العربية والإسلامية، والثانى تكثيف الضغط على إيران بما يضعفها ويعرقل مشروعها النووى، والثالث تجاوز القضية الفلسطينية واعتبارها شأنا محليا بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
إذا جاز لى أن أذهب إلى أبعد فى المصارحة والإفصاح عن الشكوك التى تراودنى، فإننى أكاد أزعم بأن فرقعة التحالف الإسلامى الأمريكى لمواجهة الإرهاب ليست مأخوذة على محمل الجد. لكنها فى عمقها بمثابة قنبلة دخان أطلقت فى الفضاء العربى كى تغطى خطوات الصفقة التاريخية التى تبدأ بالتطبيع وجاء الرئيس الأمريكى لإبرامها. ولا تنس أنه أعلن أكثر من مرة أن القادة العرب الذين التقاهم رحبوا بها.
أكرر أننى أتحدث عن شكوك أتمنى أن تكذبها الأيام المقبلة. وإلى أن ينجلى الأمر فإننى لا أمل من الهتاف وبالدعاء: يا خفى الألطاف نجنا مما نكره ونخاف.
فهمي هويدي
فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.

الثلاثاء، 23 مايو 2017

كيف تنهض مصر2-2

كيف تنهض مصر2-2

۱۳ - ٥ - ۲۰۱٥  / ۰ تعليق
محمد يحيى قطب
ننتقل الآن إلى تجربة البرازيل مع الرئيس لولا دا سيلفا الذى تولى مقاليد البلاد فى الفترة من يناير 2003 وحتى يناير 2011. عانى الاقتصاد البرازيلى فى فترة ما قبل لولا دا سيلفا من ضعف فى معدلات النمو، حيث بلغ متوسط النمو السنوى للاقتصاد فى آخر خمس سنوات قبل 2003 لأقل من 2 %، وهو معدل متواضع بالنسبة لدولة نامية وفى أشد الحاجة لتحقيق معدلات نمو متسارعة لمعالجة مشاكلها المتراكمة، فضلاً عن ضعف واضح فى نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى  فى عام 2002، حيث وصل إلى نحو 2.800 دولار أمريكى. أدت هذه المعدلات الهزيلة فى النمو إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بشكل ملحوظ فى المجتمع البرازيلى ومعه وصلت معدلات البطالة إلى 11% فى عام 2002. على صعيد العملة البرازيلية تعرضت البرازيل إلى انخفاض كبير فى عملتها فى الفترة من 1996 وحتى 2003، حيث فقدت العملة البرازيلية نحو 65 % من قيمتها، ومعه عادت ظاهرة ارتفاع معدل التضخم إلى الظهور مرة أخرى، حيث وصل معدل التضخم فى عام 2003 إلى نحو 15%. إجمالاً الاقتصاد البرازيلى مع بدايات العام 2003 وقتما تسلم لولا دا سيلفا مقاليد الأمور كان يعانى من أسوأ ما يمكن أن يمر به أى اقتصاد وهى مرحلة الركود التضخمى (Stagflation) والتى تكمن سماتها فى ضعف النمو الاقتصادى وارتفاع  معدل البطالة وارتفاع معدل التضخم، وذلك بالتزامن مع نسب استدانة عالية من الخارج تهدد الدولة بالإفلاس. إلى جانب المشاكل الاقتصادية ورث دا سيلفا مجموعة من المشاكل الاجتماعية وعلى رأسها مشكلة التسرب من التعليم وتردى أحوال المدارس بشكل عام بالإضافة إلى انتشار الجريمة المنظمة، فضلاً عن مشاكل الفقر المدقع والجوع والتفاوت الشديد بين طبقات المجتمع، حيث اختفت الطبقة المتوسطة رمانة ميزان أى مجتمع، وتحول المجتمع إلى طبقتين منفصلتين ومتضادتين ما بين شريحة رفيعة من الأغنياء بشكل فاحش وطبقة عريضة من الفقراء محدودى الدخل. وعليه وصلت معدلات الفقر إلى مستويات مقلقة، حيث بلغت نسبة المواطنين تحت خط الفقر الوطنى فى العام 2002 إلى حوالى 25 %، كما وصل نصيب الطبقة الأكثر غنى من توزيع الدخل إلى حوالى 64 %، بينما كان نصيب الطبقة الأكثر فقراً فقط 2.5 % من الدخل. بدأ لولا دا سيلفا فى تطبيق سياسة تقشفية لتقليص عجز الموازنة وفقاً لاتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولى، ومعه حازت البرازيل ثقة العالم وكان مؤداها أن دخل للدولة نحو 200 مليار دولار استثمارات مباشرة خلال الفترة من 2003 وحتى 2011 وعاد نحو 2 مليون مهاجر برازيلى لبلده. بالتوازى اهتمت البرازيل بالصناعة فى شقيها الصناعات البسيطة وكذلك الصناعات التقنية المتقدمة، كما استفادت البرازيل من ارتفاع أسعار المواد الخام خلال فترة لولا دا سيلفا وقبل الأزمة العالمية، مما ساهم فى تحسين وضع ميزان المدفوعات وتقوية العملة البرازيلية وكان له أبلغ الأثر فى احتواء معدل التضخم السنوى. فى إطار تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر، عمل دا سيلفا على فرض ضرائب تصاعدية وصلت إلى 40 %، حيث نجح فى توفير ما يقارب 60 مليار دولار والتى تم تخصيصها لمساعدة الأسر الفقيرة، كما نجح دا سيلفا فى توسيع نطاق برنامج "بولسا فاميليا" وتوسيع إطار الاستفادة منه، حيث بلغ عدد المستفيدين نحو 64 مليون نسمة، ما يمثل ثلث عدد سكان البرازيل. فى إطار الصحة والتعليم، عملت حكومة البرازيل على تنفيذ برنامج "نحو إنهاء الجوع" وذلك لتحسين الأمن الغذائى لنحو 45 مليون برازيلى، وبالتوازى عمل برنامج "دخل الأسرة" على تحسين معالجة سوء التغذية والتسرب من التعليم عن طريق توفير دعم مالى ولكنه مشروط بالانتظام فى الدراسة والزيارات الدورية لمراكز الصحة. أتت هذه السياسات ثمارها على الشق الاقتصادى فى خلال فترة دا سيلفا، حيث وصل متوسط معدل النمو السنوى للناتج المحلى إلى 4.3 % مقارنة بنحو 1.9 % خلال السنوات الثمانى السابقة لتوليه الرئاسة، كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى 12.600 دولار مقابل 2.800 فى 2002، وأدى النمو المتسارع إلى تخفيض معدل البطالة من 11 % فى 2002 إلى 6.7 % فى 2011، كما أدى تحسن ميزان المدفوعات إلى تقوية العملة المحلية لتصل إلى 1.7 لكل دولار مقابل 3.5 لكل دولار فى 2002، وبالتبعية انخفض معدل التضخم إلى 6.5% فى 2011 مقابل 15% فى بداية الفترة. على الشق الاجتماعى نجح دا سيلفا فى تقليل نسبة السكان تحت خط الفقر القومى من 25 % فى 2003 إلى 11.1 % فى 2011، كما حدث تحسن واضح فى عدالة توزيع الدخل على المواطنين وفقاً لمعامل "جينى" (وهو معامل يقيس عدالة توزيع الدخل القومى وتنحصر قيمته بين الصفر والواحد، وكلما قلت قيمته كانت عدالة توزيع الدخل أفضل) حيث هبط إلى مستوى 0.53 فى 2011 مقابل 0.59 فى 2002، فضلاً عن انضمام نحو 40 مليون مواطن إلى الطبقة المتوسطة. 
فبما سبق سردنا تجارب نهضوية حدثت فى ثلاثة قرون متعاقبة، ولكن مع ذلك نستطيع أن نستنتج وجود عوامل مشتركة بين الثلاثة. أولهاأهمية التحول بالاقتصاد إلى نموذج إنتاجى يعتمد على التصنيع ومعه يتحقق نمو اقتصادى مستدام ومستقر وارتفاع فى الدخل القومى، وبالتوازى يتم توجيه جزء من هذا الدخل فى تنمية الإنسان عن طريق التوسع فى الإنفاق على التعليم بأنواعه دون تفرقة بين التعليم العالى أو التعليم الفنى (الإحصاءات تشير إلى إحساس نحو 43 % من طلاب التعليم الفنى بمصر بتدنى التقدير المجتمعى بعد التخرج) وتحسين جودته مع الاهتمام بشق التدريب لتأهيل المتخرجين لسوق العمل، كما يجب أن يوجه جزء معتبر من الفوائض الإضافية إلى الاهتمام بالصحة لأنه لا يمكن أن تصنع من إنسان عليل فرداً منتجاً فى مجتمعه وبالتالى تؤتى سياسة تنمية الإنسان ثمارها وتؤدى بالتبعية إلى تحسين إنتاجيته، ويعود ذلك نهاية بالنفع على الدخل القومى، كما هو الحال فى كل التجارب التى سردناها سلفاً. الشق الاجتماعى يجب أن يحصل على نصيب معتبر وأن يكون هدفه الأساسى تحول شريحة كبيرة من المجتمع الذى يقبع فى منطقة الفقر (أشار آخر تقرير لمركز المعلومات التابع لمركز الوزراء إلى وقوع 40 % من المصريين تحت خط الفقر) إلى الطبقة المتوسطة عبر برامج موجهة لهذا الغرض، ويتم الإشراف عليها بحزم حتى تصل إلى مستحقيها، فيعود التوازن إلى المجتمع عبر شريحة عريضة من المواطنين تنتمى إلى الطبقة المتوسطة التى تعتبر دوماً رمانة ميزان أى مجتمع ويقل معه التفاوت الواضح بين طبقات المجتمع فيعود معه السلام الاجتماعى.
نحن لن نخترع العجلة. التاريخ هو خير معلم، وعلينا وفى أسرع وقت تنقيح هذه التجارب وأن ننظر للخلف فقط لدفع مستقبلنا إلى الأمام.
 

كيف تنهض مصر (1-2)

كيف تنهض مصر (1-2)

۱۲ - ٥ - ۲۰۱٥ 
محمد يحيى قطب
مرت مصر بفترات شديدة الصعوبة فى العقود الأخيرة، وتخلفت كثيرا عن ركب التقدم، بعكس الكثير من الدول التى استطاعتأن تحقق خطوات عملاقة على طريق التنمية الاقتصادية، والذى انعكس بالتبعية على المستوى الاجتماعى والثقافى للمجتمع، حيث وظفت عوائد التنمية الاقتصادية بشكل كفء لتحقيق تنمية حقيقية للمواطن، وبالتالى ارتقى المجتمع جملةً. فى هذا المقال سنستعرض تجارب أدت إلى تحقيق نهضة وتقدم حقيقى لشعوب هذه الدول، ومنها نتحسس طريقنا للخروج بإطار عام لما يمكن أن تسلكه مصر لتحقيق طموحاتها فى العودة إلى مكانتها الطبيعية.
 نبدأ مع محمد على باشا الذى بدأ حكمه لمصر فى 1805 حيث ورث اقتصادا ضعيفا هشًا يعانى من الركود لسنوات عدة، فالصناعة كانت قائمة على بعض الأعمال اليدوية البدائية، وكسدت التجارة نتيجة تحول جزء كبير من التجارة العالمية إلى طريق رأس الرجاء الصالح، فضلا عن افتقاد الأمن داخليا، والذى أعاق حركة التجارة داخل الدولة إلى حد كبير. عمد محمد على إلى النهوض بالزراعة فى مصر، حيث وزع الأراضى على الفلاحين للانتفاع، وعمل على تحديث أساليب الزراعة، وحسن الاستفادة من موارد مصر المائية من خلال شق الترع وإنشاء القناطر، بالإضافة الى الاعتماد على مدربين من الدول المتقدمة لتعليم الزراعة للمصريين. بشكل موازٍ نوَّع محمد على فى أنواع المحاصيل الزراعية، وركز على زراعة القطن حتى أصبح من أهم مصادر الدخل للمجتمع المصرى.
على الشق الصناعى، إلى جانب الإبقاء على الصناعات الحرفية القائمة وتطويرها، استحدث محمد على صناعات الغزل والنسيج، وأقام معامل لإنناج السكر ومصانع للزجاج والشمع، والتى اعتمدت على البخار كمصدر للطاقة، كذلك أنشأ مصانع لتصنيع السلاح حيث اهتم بإنشاء وتقوية جيش نظامى مصرى حتى وصل عدد ضباطه وجنوده إلى 240 ألفا فى عام 1840. تجاريًا، وبعد أن ازدادت حاصلات مصر الزراعية، أصبح لمصر تجارة نشطة مع الدول الخارجية، خاصةً بعد تأمين الطرق الداخلية، وإنشاء أسطول تجارى ضخم، ومعه بلغت حجم الصادرات والواردات نحو 2.2 مليون جنيه و2.7 مليون جنيه عام 1836 على التوالى.
اهتم محمد على بالتعليم فى مصر، حيث أنشأ العديد من الكليات كالطب والهندسة والصيدلة، وعمل على توسيع قاعدة التعليم المدرسى، إلى جانب إرسال العديد من البعثات التعليمية إلى دول أوروبا لنقل التطور العلمى الحاصل هناك إلى داخل البلاد. كل هذه الخطوات العملاقة والجريئة أعادت لمصر مكانتها الاقتصادية والعسكرية كواحدة من أكبر القوى الإقليمية فى منطقتها، مع الحفاظ على التوازن بين الانفتاح على العالم وتمتع مصر بالاستقلال الاقتصادى والسياسى.
التجربة الماليزية تستحق الوقوف عندها ورصد ما فعله مهاتير محمد على مدار 23 عاما، بدايةً من عام 1981 حيث كان معجبا بتجربة اليابان واعتبرها مثلا يحتذى به، وعليه ارتكز مهاتير محمد على عدة محاور أهمها: التصنيع، والتعليم، والبعد الاجتماعى. اهتمت ماليزيا بأن تتحول باقتصادها إلى مرحلة التصنيع بعد أن كانت دولة زراعية محدودة وفقيرة، وأن تصبح منصة لتصدير منتجات ذات جودة وبأسعار زهيدة مقارنةً بأسعار الدول الغربية، حتى تتحقق لها ميزة نسبية. وعليه أضحت نسبة الصادرات من السلع المصنعة 80% ومساهمة قطاعى الصناعة والخدمات تمثل نحو 92% من الناتج المحلى الإجمالى. بالتوازى تعامل مهاتير محمد مع ملف التعليم بمنتهى الجدية حيث أولى اهتماما بكل مراحل التعليم بدءًا من مرحلة رياض الأطفال حيث وضع منهجا موحدا لها. وفى المرحلة الثانوية، إلى جانب توسيع قاعدة التعليم لتشمل كافة العلوم والآداب، عمد مهاتير محمد إلى تدريس مواد تخدم المجالات المهنية والفنية وإنشاء معاهد للتدريب المهنى لتأهيل المتخرجين منها لدخول سوق العمل. إلى جانب ما سبق، تم تطويع التكنولوجيا لخدمة التعليم حيث تم ربط المدراس بأكملها بشبكة الإنترنت والاهتمام باقتصاد المعرفة. يكفى أن نقول إن ماليزيا أنفقت ما يقرب من 20% من دخلها القومى فى الكثير من السنوات على التعليم، درايةً من القائمين على الدولة بأهمية التعليم لتنمية المواطن الماليزى، فضلا عن سن قوانين تعاقب العائلات التى تحرم أبناءها من التعليم.